وكالة أنباء موريتانية مستقلة

أبرز أحداث العالم العربي و الإسلامي في 2016

معركة حلب

استعادت القوات السورية السيطرة، في 22 كانون الأول/ديسمبر، على القسم الشرقي من مدينة حلب والذي كان تحت سيطرة الفصائل المعارضة منذ تموز/يوليو 2012. وحدث ذلك إثر هجوم مدمر أدى إلى إجلاء عشرات آلاف المدنيين والمقاتلين إلى مناطق تابعة للمعارضة في شمال البلاد. واستعادت بذلك الحكومة السورية السيطرة على كامل المدينة.

وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 29 كانون الأول/ديسمبر، التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار شامل في سورية بين الحكومة والمعارضة المسلحة، تمهيداً لإطلاق مفاوضات سلام بمشاركة تركيا وإيران.

وأوقعت الحرب في سورية أكثر من 390 آلاف قتيل منذ اندلاعها في آذار/مارس 2011.

الإرهاب

تبنى تنظيم داعش العديد من الاعتداءات والهجمات في العالم رغم خسائره الأخيرة في سورية والعراق وليبيا، من بينها فرنسا (86 قتيلا في نيس) والولايات المتحدة (49 قتيلا في أورلاندو) وبلجيكا (32 قتيلاً في بروكسل) وألمانيا (12 قتيلاً في برلين).

وكانت تركيا هدفاً لهجمات عديدة أوقعت عشرات القتلى، نسبت السلطات بعضها إلى تنظيم داعش وبعضها الآخر إلى الانفصاليين الأكراد.

ونالت مصر أيضاً حصتها من الاعتداءات والتفجيرات بينها تفجير انتحاري في 11 كانون الأول/ديسمبر أوقع 25 قتيلاً داخل كنيسة للأقباط الأرثوذكس في القاهرة.

طالت الهجمات الإرهابية كذلك أفريقيا الغربية حيث شنّ تنظيم القاعدة هجمات في بوركينا فاسو وساحل العاج إضافة إلى الهجمات المتواصلة لجماعة بوكو حرام في نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد.

الحملة ضد الإرهابيين

في ليبيا، أعلنت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني في 5 كانون الأول/ديسمبر دحر متشددي تنظيم داعش من كل أنحاء سرت، المدينة الساحلية الواقعة على بعد 450 كم شرق طرابلس والتي شكلت على مدى نحو عام محطة استقطاب رئيسية لمئات المتشددين الذين تدربوا فيها على شن هجمات في الخارج بعيداً عن ضربات التحالف الدولي في سورية والعراق.

وفي العراق، أطلقت القوات العراقية بمساندة التحالف الدولي الذي تقوده أميركا في 17 تشرين الأول/أكتوبر عملية عسكرية واسعة النطاق لطرد تنظيم داعش من الموصل، ثاني كبرى مدن العراق والتي أعلن منها التنظيم المتشدد قيام “دولة الخلافة” في 2014.

وفي سورية، تخوض “قوات سوريا الديمقراطية”، المكونة من تحالف فصائل عربية وكردية سورية مدعومة من واشنطن، حملة “غضب الفرات” لطرد تنظيم داعش من مدينة الرقة، معقل المتشددين الأبرز في سورية.

كما أطلقت تركيا عملية “درع الفرات” في نهاية آب/أغسطس داخل الأراضي السورية لطرد مقاتلي تنظيم داعش من المناطق الحدودية ووقف تقدم فصائل كردية مسلحة.

حواجز أمام المهاجرين

أغلقت “طريق البلقان” في شباط/فبراير التي سلكها في 2015 مئات آلاف المهاجرين متوجهين من اليونان إلى ألمانيا.

وتوصل الاتحاد الأوروبي وتركيا في آذار/مارس إلى اتفاق مثير للجدل ينصّ على إعادة جميع المهاجرين الجدد الذين يصلون من الأراضي التركية إلى اليونان.

كما تحولت إيطاليا إلى المقصد الأول للمهاجرين غير الشرعيين. وقتل 4700 شخص على الأقل أو فقدوا في حوادث غرق في المتوسط عام 2016.

وفي فرنسا، أزالت السلطات في نهاية تشرين الأول/أكتوبر أكبر مدينة صفيح في البلاد هي مخيم المهاجرين في كاليه والذي كان يعرف بالأدغال ويقيم فيه حوالى سبعة آلاف مهاجر نقلوا إلى أماكن إيواء أخرى.

استمرار النزاع اليمني

فشلت عدة اتفاقات هدنة في اليمن منذ بدء عمليات التحالف العربي في آذار/مارس 2015، وكذلك المبادرات السياسية التي قامت بها الأمم المتحدة بهدف التوصل إلى اتفاق سلام ينهي الحرب.

وأدى النزاع إلى مقتل أكثر من سبعة آلاف شخص وإصابة زهاء 37 ألفاً منذ آذار/مارس 2015، بحسب أرقام الأمم المتحدة، إضافة إلى أوضاع إنسانية صعبة.

ورغم التدخل العسكري لقوات التحالف لا يزال الحوثيون المتحالفون مع أنصار الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وإيران يسيطرون على أجزاء واسعة من شمال البلاد وبينها صنعاء.

انتخاب رئيس لبناني جديد

بعد نحو عامين ونصف من فراغ كرسي الرئاسة، انتخب مجلس النواب اللبناني في 31 تشرين الأول/أكتوبر الزعيم المسيحي العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية بموجب تسوية سياسية وافقت عليها غالبية الأطراف السياسية وتضمنت أيضاَ تسمية الزعيم السني سعد الحريري رئيسا للحكومة.

ونالت الحكومة اللبنانية في 28 كانون الأول/ديسمبر ثقة البرلمان بعد 10 أيام من تشكيلها.

مع تواتر أنباء القتلى الذين يقعون كل يوم في صفوف اللاجئين من مسلمي الروهينجا، الذين يتخطفهم الموت في عرض البحر حيث يفرون إلى المجهول، من موت محقق خلفهم إلى موت محتمل، نحاول في هذا التقرير أن نلقي الضوء على هذه الأقلية المسلمة التي تعيش أسوء حالات القمع والاضطهاد ولا تجد اهتمامًا كافيًا من العالم الإسلامي. وسنركز في الجزء الأول من التقرير على تاريخ الروهينجا وأهم الانتهاكات التي مورست ضدهم عبر التاريخ.

من هم الروهينجا؟

الروهينجا هم أغلبية مسلمي بورما (ماينمار) الذين يقطنون في معظمهم (حوالي 80%) في ولاية “راخين” (أراكان) التي تقع في غرب بورما، إلا أنهم ليسوا الوحيدين، فهناك أيضا أقليات مسلمة أخرى مثل “كامان” و”البانثاي” وغيرهم، وقد دخل الكامان في موجة الاضطهاد الأخيرة في 2012، نظرًا لأنهم يعيشون في ولاية أراكان، بعد أن كانوا محصنين ضد هذه الهجمات كونهم أقلية معترفًا بها وتحمل الجنسية البورمية، على عكس الروهينجا.

أصل الكلمة

هناك خلاف بين المؤرخين حول أصل كلمة “الروهينجا” فبينما يرجعها البعض لتحريف كلمة الرحمة، والتي نطق بها رحالة عرب تحطمت سفينتهم على الشاطئ وأمر ملك البلاد آنذاك بقتلهم، فصاحوا “الرحمة . . الرحمة” فسماهم الناس “راهام” والتي تم تحريفها لكلمة “الروهينجا” الحالية. بينما يرجعها آخرون إلى أن أسلاف الروهينجا هم من الروها في أفغانستان. في المقابل يقول البعض أن أصل الكلمة هو المملكة الأركانية القديمة “مروهاونج”.

تجدر الإشارة إلى أن المؤرخين البورميين لا يعترفون بقدم الكلمة، حيث يقولون أنها ظهرت في 1950، إلا أن ذلك يتناقض مع ورود الكلمة في في تقرير نشره البريطاني فرانسيس بوكانان هاملتون أواخر القرن الثامن عشر عن “المفردات المقارنة لبعض اللغات الناطقة في مملكة بورما”.

تاريخ الروهينجا

مرحلة ما قبل الاستعمار إنجليزي

يعود تاريخ دخول الإسلام للمنطقة التي تعرف باسم “بورما” اليوم، إلى حوالي القرن التاسع الميلادي، أي قبل قرنين من نشأة أول مملكة بورمية سنة 1055. وقد دأب الرحالة والتجار المسلمون على العبور في المنطقة بوجه عام منذ القرن السابع الميلادي، وقد انتشر منذ ذلك الوقت تواجد المسلمين هناك.

أما التواجد الإسلامي في أراكان فيرجع إلى سنة 1430 ميلادية، حيث جاء الملك “ناراميخلا” من مملكة البنغال التي نفي فيها لمدة 24 عامًا، حيث استرد عرشه في أراكان، مؤسسا مملكة “ماروك يو”، جالبًا معه عددًا من المسلمين البنغال. نتيجة هذه المساعدة فقد تأثرت مملكة ماروك يو بالسمت الإسلامي حيث خلع ملوكها على أنفسهم ألقابًا إسلامية، كما عينوا عديدًا من المسلمين في أماكن مرموقة في الدولة. وقد استمر ذلك حتى بعد أن خرجت المملكة عن طوع الملكة البنغالية بل واحتلت عددًا من أراضيها. وقد زاد تعداد المسلمين في أراكان خاصة في القرن السابع عشر، بعد الاعتماد عليهم كقوة عمل هناك.

مرحلة الاستعمار البورمي

استعمرت بورما أراكان في سنة 1785، وقامت بمذابح ضد آلاف الأراكانيين من الرجال، بالإضافة لتهجير أعداد كبيرة منهم إلى وسط بورما، تاركة أراكان شبه خالية حتى استعمرها الإنجليز. وقد فر حوالي 35 ألفًا من الأراكانيين إلى البنغال الإنجليزية نتيجة هذا الاضطهاد في عام 1799.
مع تواتر أنباء القتلى الذين يقعون كل يوم في صفوف اللاجئين من مسلمي الروهينجا، الذين يتخطفهم الموت في عرض البحر حيث يفرون إلى المجهول، من موت محقق خلفهم إلى موت محتمل، نحاول في هذا التقرير أن نلقي الضوء على هذه الأقلية المسلمة التي تعيش أسوء حالات القمع والاضطهاد ولا تجد اهتمامًا كافيًا من العالم الإسلامي. وسنركز في الجزء الأول من التقرير على تاريخ الروهينجا وأهم الانتهاكات التي مورست ضدهم عبر التاريخ.

من هم الروهينجا؟

الروهينجا هم أغلبية مسلمي بورما (ماينمار) الذين يقطنون في معظمهم (حوالي 80%) في ولاية “راخين” (أراكان) التي تقع في غرب بورما، إلا أنهم ليسوا الوحيدين، فهناك أيضا أقليات مسلمة أخرى مثل “كامان” و”البانثاي” وغيرهم، وقد دخل الكامان في موجة الاضطهاد الأخيرة في 2012، نظرًا لأنهم يعيشون في ولاية أراكان، بعد أن كانوا محصنين ضد هذه الهجمات كونهم أقلية معترفًا بها وتحمل الجنسية البورمية، على عكس الروهينجا.

أصل الكلمة

هناك خلاف بين المؤرخين حول أصل كلمة “الروهينجا” فبينما يرجعها البعض لتحريف كلمة الرحمة، والتي نطق بها رحالة عرب تحطمت سفينتهم على الشاطئ وأمر ملك البلاد آنذاك بقتلهم، فصاحوا “الرحمة . . الرحمة” فسماهم الناس “راهام” والتي تم تحريفها لكلمة “الروهينجا” الحالية. بينما يرجعها آخرون إلى أن أسلاف الروهينجا هم من الروها في أفغانستان. في المقابل يقول البعض أن أصل الكلمة هو المملكة الأركانية القديمة “مروهاونج”.

تجدر الإشارة إلى أن المؤرخين البورميين لا يعترفون بقدم الكلمة، حيث يقولون أنها ظهرت في 1950، إلا أن ذلك يتناقض مع ورود الكلمة في في تقرير نشره البريطاني فرانسيس بوكانان هاملتون أواخر القرن الثامن عشر عن “المفردات المقارنة لبعض اللغات الناطقة في مملكة بورما”.

تاريخ الروهينجا

مرحلة ما قبل الاستعمار إنجليزي

يعود تاريخ دخول الإسلام للمنطقة التي تعرف باسم “بورما” اليوم، إلى حوالي القرن التاسع الميلادي، أي قبل قرنين من نشأة أول مملكة بورمية سنة 1055. وقد دأب الرحالة والتجار المسلمون على العبور في المنطقة بوجه عام منذ القرن السابع الميلادي، وقد انتشر منذ ذلك الوقت تواجد المسلمين هناك.
أما التواجد الإسلامي في أراكان فيرجع إلى سنة 1430 ميلادية، حيث جاء الملك “ناراميخلا” من مملكة البنغال التي نفي فيها لمدة 24 عامًا، حيث استرد عرشه في أراكان، مؤسسا مملكة “ماروك يو”، جالبًا معه عددًا من المسلمين البنغال. نتيجة هذه المساعدة فقد تأثرت مملكة ماروك يو بالسمت الإسلامي حيث خلع ملوكها على أنفسهم ألقابًا إسلامية، كما عينوا عديدًا من المسلمين في أماكن مرموقة في الدولة. وقد استمر ذلك حتى بعد أن خرجت المملكة عن طوع الملكة البنغالية بل واحتلت عددًا من أراضيها. وقد زاد تعداد المسلمين في أراكان خاصة في القرن السابع عشر، بعد الاعتماد عليهم كقوة عمل هناك.

مرحلة الاستعمار البورمي

استعمرت بورما أراكان في سنة 1785، وقامت بمذابح ضد آلاف الأراكانيين من الرجال، بالإضافة لتهجير أعداد كبيرة منهم إلى وسط بورما، تاركة أراكان شبه خالية حتى استعمرها الإنجليز. وقد فر حوالي 35 ألفًا من الأراكانيين إلى البنغال الإنجليزية نتيجة هذا الاضطهاد في عام 1799.
مرحلة الاستعمار إنجليزي

شجع الإنجليز البنغال على الهجرة إلى أراكان حيث كانوا يحتاجونهم في العمالة الرخيصة نظرًا لندرة السكان في أراكان آنذاك.
واتسع نطاق المسألة حتى لم تعد هناك حدود معروفة بين أراكان وبين البنغال، مما جعل وتيرة الهجرة تتسارع، والتي لم تقتصر فقط على أراكان. بلغ معدل الهجرة أقصاه سنة 1927 حيث وصل إلى 480 ألف مهاجر، في بلد يبلغ تعداده حوالي 13 مليون نسمة فقط. بلغ عدد المسلمين في أراكان حوالي 60 ألفا سنة 1891، وقد تضاعف حوالي مرتين وصولا لسنة 1911. وقبل اندلاع الحرب العالمية الثانية أنشأت بريطانيا لجنة من أجل محاولة إزالة أي توترات محتملة بين البوذيين والمسلمين في أراكان، إلا أن اللجنة لم تستطع تأدية مهمتها بسبب اندلاع الحرب، حيث تحولت بورما إلى جبهة قتال أساسية بين الحلفاء والمحور (وخاصة بين بريطانيا واليابان).
بورما بعد الاستقلال
في أثناء الحرب العالمية الثانية ونتيجة انسحاب بريطانيا وحدوث فراغ في القوة في المنطقة فقد حدثت عدة حوادث عنف بين المسلمين والبوذيين. فقد قتل الروهينجا، الذين سلحهم البريطانيون من أجل مواجهة اليابانيين، حوالي 20 ألفا من الأراكانيين وفي المقابل قتل حوالي 5 آلاف من المسلمين. فيما قامت القوات اليابانية بعمليات قتل واغتصاب وتعذيب للمسلمين في هذه المناطق، وقد نتج عن كل هذا العنف فرار الآلاف إلى البنغال منهم حوالي 22 ألف مسلم.
أما بعد استقلال بورما في 1947، فقد نشأ نظام ديمقراطي قامت فيه عدة إنتخابات حتى سنة 1962 حيث قام انقلاب عسكري سيطر على البلاد، وقد استمر الحكم العسكري في بورما حتى الآن.

التمرد الإسلامي في بورما

قبل الاستقلال سعي عدد من المسلمين إلى محمد علي جناح – مؤسس باكستان – من أجل أن تنضم أراكان إلى الدولة الوليدة، وعقب الاستقلال نشأت حركة تمرد من أجل انفصال أراكان وانضمامها إلى باكستان الشرقية (بنجلاديش حاليا)، الأمر الذي رفضته حكومة بورما المركزية، وقد بدأت هذه الحركة بإنشاء جماعة “المجاهدين” والتي سعت لضم مقاطعة “مايو” إلى باكستان الشرقية. وقد حققت في البداية نجاحات عدة حتى وصلت سيطرة الحكومة المركزية إلى مدينة “أكياب” فقط – عاصمة أراكان – وذلك سنة 1949. إلا أنه سرعان ما تم تجريد عدد من الفرق العسكرية من الجيش البورمي من أجل القضاء على هذه الحركة، الأمر الذي تحقق بشكل كبير سنة 1954، بعد حملة كبيرة شنها الجيش البورمي.
مع ضعف حركة المجاهدين وتحولهم في نهاية الأمر إلى مهربي أرز عبر الحدود، وخاصة بعد سيطرة الحكم العسكري في بورما سنة 1962، نشأت بعدها عدة حركات متمردة بنيت على أساس ديني.
مرحلة الاستعمار إنجليزي

شجع الإنجليز البنغال على الهجرة إلى أراكان حيث كانوا يحتاجونهم في العمالة الرخيصة نظرًا لندرة السكان في أراكان آنذاك.

واتسع نطاق المسألة حتى لم تعد هناك حدود معروفة بين أراكان وبين البنغال، مما جعل وتيرة الهجرة تتسارع، والتي لم تقتصر فقط على أراكان. بلغ معدل الهجرة أقصاه سنة 1927 حيث وصل إلى 480 ألف مهاجر، في بلد يبلغ تعداده حوالي 13 مليون نسمة فقط. بلغ عدد المسلمين في أراكان حوالي 60 ألفا سنة 1891، وقد تضاعف حوالي مرتين وصولا لسنة 1911. وقبل اندلاع الحرب العالمية الثانية أنشأت بريطانيا لجنة من أجل محاولة إزالة أي توترات محتملة بين البوذيين والمسلمين في أراكان، إلا أن اللجنة لم تستطع تأدية مهمتها بسبب اندلاع الحرب، حيث تحولت بورما إلى جبهة قتال أساسية بين الحلفاء والمحور (وخاصة بين بريطانيا واليابان).

بورما بعد الاستقلال

في أثناء الحرب العالمية الثانية ونتيجة انسحاب بريطانيا وحدوث فراغ في القوة في المنطقة فقد حدثت عدة حوادث عنف بين المسلمين والبوذيين. فقد قتل الروهينجا، الذين سلحهم البريطانيون من أجل مواجهة اليابانيين، حوالي 20 ألفا من الأراكانيين وفي المقابل قتل حوالي 5 آلاف من المسلمين. فيما قامت القوات اليابانية بعمليات قتل واغتصاب وتعذيب للمسلمين في هذه المناطق، وقد نتج عن كل هذا العنف فرار الآلاف إلى البنغال منهم حوالي 22 ألف مسلم.

أما بعد استقلال بورما في 1947، فقد نشأ نظام ديمقراطي قامت فيه عدة إنتخابات حتى سنة 1962 حيث قام انقلاب عسكري سيطر على البلاد، وقد استمر الحكم العسكري في بورما حتى الآن.

التمرد الإسلامي في بورما

قبل الاستقلال سعي عدد من المسلمين إلى محمد علي جناح – مؤسس باكستان – من أجل أن تنضم أراكان إلى الدولة الوليدة، وعقب الاستقلال نشأت حركة تمرد من أجل انفصال أراكان وانضمامها إلى باكستان الشرقية (بنجلاديش حاليا)، الأمر الذي رفضته حكومة بورما المركزية، وقد بدأت هذه الحركة بإنشاء جماعة “المجاهدين” والتي سعت لضم مقاطعة “مايو” إلى باكستان الشرقية. وقد حققت في البداية نجاحات عدة حتى وصلت سيطرة الحكومة المركزية إلى مدينة “أكياب” فقط – عاصمة أراكان – وذلك سنة 1949. إلا أنه سرعان ما تم تجريد عدد من الفرق العسكرية من الجيش البورمي من أجل القضاء على هذه الحركة، الأمر الذي تحقق بشكل كبير سنة 1954، بعد حملة كبيرة شنها الجيش البورمي.

كان من أوائل هذه الحركة حركة “حزب التحرير الروهينجي” بقيادة القيادي في حركة المجاهدين سابقًا “ظفار” وذلك سنة 1972، ولكن تم القضاء على الحركة في حملة عسكرية سنة 1974، وقد قام أحد قيادي الحركة وهو محمد جعفر حبيب بإنشاء حركة أخرى سميت ب”جبهة الروهينجا الوطنية” إلا أنها سرعان ما انتهي أمرها وانشق عنها محمد يونس لينشئ حركة “منظمة التضامن الروهينجي” سنة 1980، وقد استمرت حتى سنة 1998 حين انضمت معظم هذه الحركات وما تبقى منها في كيان واحد تحت مسمى “المجلس الوطني الروهينجي”. وقد توفرت بعض الأدلة على علاقة هذه الحركات ببعض الجماعات الجهادية في أفغانستان مثل طالبان والقاعدة.

أهم الانتهاكات ضد المسلمين في بورما

بدأت الانتهاكات ضد المسلمين في بورما مبكرًا حيث قام الملك باينتونونج – في أواسط القرن السادس عشر- بمنع المسلمين من القيام بذبح الحيوانات على الطريقة الإسلامية، كما قام بإلغاء عيد الأضحي وعملية الأضحية، وقد كان هذا الملمح الأساسي للانتهاكات التي تمت ضد المسلمين في هذه العصور.

أما في العصور الحديثة، وتحت الاحتلال البريطاني فلقد ظهرت عدة موجات معادية للمسلمين والهنود، حيث كان معظم المسلمين في بورما هنودًا، كما كان معظم الهنود في بورما مسلمين، حتى أن مسلمي بورما من غير الهنود قد تم اعتبارهم هنودًا. ففي عام 1930 قام إضراب بين العمال المسلمين من أجل تحسين أوضاع عملهم، فقام الإنجليز بإستبدالهم بعمال بورميين من أجل كسر الإضراب، فاضطر المسلمون الهنود للعودة إلى عملهم حتى لا يفقدوه، فطرد الإنجليز العمال البورميين الذين عينوهم، الأمر الذي لم يقبله البورميون فمن ثم قامت مذبحة ضد العمال المسلمين الهنود راح ضحيتها حوالي 200 شخص، كما اندلعت موجة من معاداة المسلمين في أنحاء بورما.

وقد اختلطت موجات معاداة المسلمين بمعاداة الإنجليز، ففي أحد المرات ونتيجة مشاجرة حدثت بين بعض الهنود والبورميين خلال حملة دعائية تدعى “بورما من أجل البورميين” قامت مظاهرة كبيرة في أحد الأحياء المسلمة، وحين حاول رجال الشرطة فض المظاهرة أصيب ثلاثة من الكهنة، انتشرت صور الكهنة المصابين وأفراد الشرطة، الذين كانوا هنودًا، لكي تشتعل موجة من معاداة المسلمين مرة أخرى في بورما مما أدى لاعتداءات على بيوت المسلمين وأملاكهم بل وتعرض بعضهم للإصابة والقتل، وتم الإعتداء على حوالي 113 مسجد.
بعد الحكم العسكري، ازداد الأمر سوءًا، حتى تم منع المسلمين من دخول الجيش البورمي.
ففي عام 1977، قامت الحكومة بحملة على من سمتهم المهاجرين، الذين لا يحملون بطاقات الهوية، وبالطبع فإن الروهينجا كانوا قد منعوا من الحصول على الجنسية البورمية، وقد أدت الحملة التي سميت “الملك التنين” إلى عمليات قتل واغتصاب وتشريد لحوالي 200 ألف من مسلمي الروهينجا إلى بنجلاديش، التي أساءت معاملتهم ورفضت إعطاءهم احتياجاتهم من الطعام في محاولة لردهم إلى بورما، الأمر الذي تسبب في النهاية في مقتل 12 ألف مسلم من الروهينجا من الجوع.

بعد محاولات بنجلاديش لإعادة الروهينجا إلى بورما، تم سن قانون الجنسية لسنة 1982 والذي لم يعترف بالروهينجا كأحد القوميات المعترف بها في بورما، ومن ثم فإنه يتم التعامل معهم بإعتبارهم بلا جنسية، بل واتهامهم بأنهم مهاجرين غير شرعيين من بنجلاديش. الأمر الذي يسلبهم كافة حقوقهم ويجعلهم عرضة لكثير من الانتهاكات.

تكررت الهجمة في 1991، حيث تم تشريد حوالي ربع مليون مسلم من الروهينجا نحو بنجلاديش، التي كررت أيضًا معاملتها لهم في نهاية السبعينات، الأمر الذي أجبر 50 ألفًا للرجوع مرة أخرى لبورما بين عامي 1922 و1993.

في عام 1994 تكررت نفس عملية التهجير القسري، حيث تم تهجير قرابة 110 ألف مسلم من الكارِّين وغيرهم إلى تايلاند.

في عام 1997، سرت شائعة أن رجلًا مسلمًا اغتصب فتاة بوذية، الأمر الذي أقام موجة من أعمال الشغب ضد المسلمين، فقد قاد كهنة بوذيون جماعات شغب تقدر بحاولي 1500 فرد ضد المساجد في البداية ثم المحلات وممتلكات المسلمين، وخربوا فيها وحرقوا كتبًا دينية، وقد أدت الأحداث لمقتل حوالي 3 أشخاص واعتقال 100 كاهن. بالرغم من أنه قد تم إثبات أن الشائعة لم تكن صحيحة، فإنه يُعتقد أن الحكومة قد قامت بهذا الأمر من أجل صرف النظر عن تحطم تمثال أثري لبوذا يعتقد أن الحكومة قد كسرته كي تبحث عن جوهرة ثمينة بداخله.
في عام 2001، تنامت مشاعر العداء ضد المسلمين، خاصة بعد أن حطمت طالبان تمثالي بوذا في أفغانستان. وفي 15 مايو قامت موجة عنف ضد المسلمين – في مدينة تونجو – بقيادة عدد من الكهنة، وقد أدت موجة العنف إلى مقتل حوالي 200 مسلم، وتدمير حوالي 11 مسجدًا، من ضمنهم مسجد أثري يبلغ من العمر 200 عام بالإضافة إلى 400 منزل. وقد كانت الجماعات التي قامت بهذه الموجة مناصرة للحكومة العسكرية القائمة.
أما في 2012، فقد أدت حادثتي اغتصاب امرأة بوذية على يد بعض الروهينجا وكذلك مقتل عشرة مسلمين على يد بوذيين، إلى تفجير مشاعر الطائفية والعرقية، فحدثت مواجهات عدة وأحداث شغب انتهت لمقتل 88 شخصا، 57 مسلمًا و31 بوذيًا، وحرق 2500 منزل، 1300 منزل للروهينجا و1200 منزل للبوذيين، بالإضافة لفرار حوالي 90 ألف شخص بسبب أحداث العنف.

متابعات،صحف،مواقع و وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.