وكالة أنباء موريتانية مستقلة

إفريقيا:الملاريا تقتل طفلا كل 30 ثانية و لقاح يقضي على المرض بحلول 2015

باتت إفريقيا مستنقعا لكثير من الأوبئة والأمراض بفعل انتشار النزاعات و تعثر الكثير من خطط التنمية

مما زاد المخاطر وصعّب الكثير من طرق السلامة و النجاة.

فقد دعت منظمة “منظمة الصحة العالمية” على لسان مديرها الجهوي في المنطقة العربية “حسين عبد الرازق الجزائري” إلى إطلاق حملة “لا ملاريا بعد اليوم في العالم العربي” لمكافحة مرض الملاريا الذي يصيب 500 مليون شخص على مستوى العالم ويقتل طفلا كل 30 ثانية في أفريقيا.

وأكد الدكتور ” الجزائري” : أن الهدف من إطلاق الحملة هو القضاء على ” الملاريا” أكثر الأمراض فتكا في تاريخ البشرية ,وإعلان المنطقة العربية خالية من المرض، مشيرا إلى نجاح السعودية والإمارات وعمان في تقليص عدد المصابين بالمرض الذي يسميه الأطباء ” القاتل الصامت” وأن اليمن هي أكثر الدول العربية عرضة لهذا المرض القاتل وكان تقرير ” منظمة الصحة العالمية” قد ذكر أن نحو 248 مليون شخص في المنطقة العربية و جوارها يعيشون في مناطق محفوفة بخطر الإصابة بالملاريا بدرجات متفاوتة، وإن كانت حالات الإصابة التي تم الإبلاغ عنها تتناقص عاما بعد عام، ففي 2001م كان عدد الحالات 6.1 مليون إصابة ، وفي عام 2003م تراجع العدد إلى 4.5 مليون،ثم تناقص إلى 2.7 مليون إصابة في عام 2005م.

وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات حول أعداد المصابين في المنطقة العربية ، فإن المنظمات الدولية تؤكد أن المرض في تراجع مستمر نظرا للجهود التي تبذلها المؤسسات الصحية الوطنية والعالمية، حيث نجح بعض دول شمال أفريقيا في القضاء على الملاريا، كما أن بعض الدول الخليجية أطلقت برامج صحية طموحة للقضاء على المرض.

الموت بلدغة

المعلوم أن الملاريا تنتقل إلى الإنسان عن طريق البعوض، و تحديدا عن طريق نوع معين من أنثى بعوض ” الآنوفيلاس” الذي يعيش في البرك والمستنقعات ومجاري المياه الملوثة بالصرف الصحي، ويلزم أن يكون البعوض نفسه مصابا بطور غير ناضج من الطفيليات حتى يكون ناقلا للمرض عبر اللدغة، وتنتمي هذه الطفيليات المسببة للملاريا بين البشر إلى أربع فصائل من النوع وحيد الخلية، وكل طفيل منها يعيش فترة من حياته داخل البعوض الناقل وفترة أخرى داخل جسم المصاب، ومن ثم يتطور إلى مرحلة النضج التي تسبب المرض الفتاك، حيث تظهر على المريض خلال أقل من أسبوعين أعراض حادة تتمثل في الصداع والارتفاع المفاجئ لدرجة حرارة الجسم، يليها شعور بالقشعريرة والغثيان والقيء المستمر.

وتتكاثر طفيليات الملاريا بسرعة مذهلة في الكبد، ثم تظهر في خلايا الدم الحمراء، وفي تلك المرحلة تزداد حالة المريض سوءا، حيث تتعرض كريات الدم لتلف مذهل يوما بعد يوم، وتقوم الطفيليات بمهاجمة الجسم بضراوة، وتؤدي إلى انسداد الشعيرات الدموية التي تنقل الدم إلى الدماغ وإلى باقي الأعضاء، فيكون الموت المحقق هو مصير المريض إذا لم يعالج بالأمصال المضادة في الوقت المناسب، كما أن لدغات البعوض نفسه المصاب قد تنقل المرض إلى المحيطين به ليبدأ المرض دورة جديدة مع ضحية أخرى وهكذا تنتقل العدوى من إنسان لأخر.

اللقاح المنتظر

رغم أن الملاريا احد أكثر الأمراض خطورة في العالم ، حيث تبلغ نسبة الوفيات بالملاريا ثلاثة أضعاف الوفيات بالإيدز، إلا أن الاستثمارات العالمية في مجال البحث عن لقاح للمرض لا تتجاوز 79 مليون دولار، وإن كانت الأبحاث في مجال البحث عن علاجات للملاريا تسجل نجاحات متقدمة كل يوم.

وفي أحدث تقارير لها أشارت ” منظمة الصحة العالمية” إلى أنها تقود جهودا دولية حثيثة لإيجاد لقاح فعال ضد الملاريا، الذي يتسبب في وفاة نحو مليون شخص سنويا ,90% منهم من بلدان جنوب الصحراء الأفريقية الأكثر فقرا في العالم، وقالت المنظمة إن اللقاح الجديد سيكون متاحا للاستخدام على نطاق عالمي بحلول عام 2015م وهو ما يؤكد مدى التقاعس العالمي عن إيجاد اللقاحات المناسبة للمرض الذي يعد واحدا من أقدم و أكثر الأمراض فتكا في تاريخ البشرية.

وفي هذا الصدد ذكرت دورية ” لانست” الطبية العالمية أن فريقا طبيا اسبانيا من جامعة برشلونة نجح في تطوير لقاح جديد للملاريا بالتعاون مع شركة ” جلاكسو” للأدوية، بعد تجارب اجريت على 2022 طفلا في موزامبيق، تبين خلالها أن اللقاح الجديد تصل فعاليته إلى 58% وهي ليست نسبة عالية بالمقاييس الطبية لكنها معقولة بمقاييس الأمر الواقع، حيث تسبب الملاريا وفاة طفلين كل دقيقة تقريبا في موزامبيق، مع الأخذ في الاعتبار أنه لا يوجد الآن لقاح فعال بنسبة 100 % ضد المرض الذي يهدد مواطني 107 دول حول العالم.

والمثير في هنا هو التحذيرات التي أطلقتها “الجمعية الطبية البريطانية” مؤخرا وأثارت جدلا واسعا في بريطانيا، ومفادها أن التغيرات المناخية التي تشهدها الكرة الأرضية قد تكون سبب ظهور الملاريا في بريطانيا لأول مرة في التاريخ، وأن المرض سيظهر – بشكل مؤكد – في دول أوروبا الجنوبية المطلة على البحر المتوسط، خاصة بعد تحول الأخير إلى بحيرة ملوثة بالصرف الصحي ومخلفات الصناعة بمعدلات غير مسبوقة.

خارطة انتشار الملاريا عالميا

وضع العلماء منذ مطلع القرن الماضي خارطة لمرض الملاريا على مستوى العالم، حيث سبق أن وضع العلماء الروس عام 1900م خارطة مماثلة للمرض منذ بداية القرن حتى عام 1950م ، وأظهرت الخارطة الجديدة أن نحو 90% من المرضى في العالم يعيشون في جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى، وأن دولا مثل نيجيريا والسودان وبنين وموزامبيق وكينيا من أعلى الدول في معدلات الإصابة ، وهو ما يعني أنها معرضة أيضا أكثر من غيرها لاحتمالات تحول المرض إلى معضلة وبائية، كما أظهرت أن الهند وأندونيسيا وسورينام مازالت من أكثر الدول تعرضا لخطر الملاريا على المستوى العالمي.

أما الدول العربية التي أظهرتها الخارطة العالمية للملاريا – فقد توزعت على الشكل التالي- السودان والصومال واليمن ، حيث أظهرت الأرقام أن محافظة ” الحديدة ” اليمنية واحدة من أكثر مناطق العالم خطرا.فيما شهدت السعودية، تراجعا ملموسا في عدد حالات الملاريا خلال الأعوام الخمسة الماضية، وتؤكد الجهات الرسمية أن المملكة في طريقها للتخلص نهائيا من المرض خلال الفترة المقبلة، فيما نجحت جهود الإمارات وعمان في مكافحة المرض بشكل فعال.

وبناء على الخارطة العالمية الجديدة للملاريا التي لا تستثني احتمالات الإصابة بالمرض حتى عام 2045 م ، أسست 60 منظمة صحية دولية النسبة الأكبر منها في الولايات المتحدة الأمريكية شبكة أطلقت عليها “لا ملاريا بعد اليوم” ونجحت الشبكة التي تأسست في نيويورك مطلع العام 2007م ، في جمع تبرعات ضخمة وصلت إلى 1.2 بليون دولار، لمكافحة الملاريا في 15 دولة أفريقية على مدى خمس سنوات، وهي خطة تتبناها منظمات إنسانية أمريكية ودولية، توجه جهودها نحو تمويل الأبحاث الجديدة في هذا الميدان، فضلا عن توزيع الأدوية والمبيدات الحشرية مجانا على فقراء أفريقيا الوسطى.

وأسفرت جهود شبكة ” لا ملاريا بعد اليوم” عن ظهور آمال جديدة تعزز سعي البشرية للقضاء على ” القاتل الصامت” بشكل نهائي في العالم، فقد نجح الباحثون ” بالمعهد القومي المتخصص للصحة ” في واشنطن ، في إنتاج مصل تجريبي يمكنه الحد من انتشار الملاريا والقضاء عليها قضاء تاما في غضون الثلاثين عاما المقبلة، وذلك حسب تصريحات أدلى بها مسؤولون في الشبكة.

وذكر الباحثون في المعهد الأمريكي أن المصل الجديد يعمل على تحصين الشخص ضد المرض، وعلى قتل طفيل الملاريا في البعوض الناقل في نفس الوقت، إذ يستهدف اللقاح نوعا من البروتين المسمى “بي إف إس 25″ باستخدام تكنولوجيا أطلق عليها اسم ” التكنولوجيا المزدوجة” وهو أسلوب يزاوج جزئيات يصعب على الجهاز المناعي التعرف عليها، وجزئيات أخرى تستطيع المناعة البشرية التوافق معها بسهولة، حيث يتم حقن المريض أو المعرض للإصابة بالمصل ، حتى إذا تعرض للدغة بعوضة ” الآنوفيلاس” يتكفل المصل بقتل الطفيل المسبب للمرض في لعاب البعوضة، وهكذا يكسب الجسم مناعة ويقضي على الملاريا في وقت معا.

ورغم ذلك يشكك بعض العلماء في نتائج الأبحاث الأمريكية، مثلما يشككون في الأرقام التي توردها ” منظمة الصحة العالمية” نفسها حول أعداد المصابين بالملاريا في العالم، فقد توصلت دراسة أجريت مؤخرا في جامعة ” اكسفورد ” ، إلى أن الأعداد الحقيقية لمرض الملاريا حول العالم قد تصل إلى ضعف العدد المعلن (500 مليون شخص) لأن معظم المصابين خاصة في دول أفريقيا الفقيرة يلقون حتفهم في صمت، دون مراجعة المراكز الطبية في الغالب ، كما أن بعض الدول تفرض حظرا على الأرقام الحقيقية خوفا على مواردها الاقتصادية مثل السياحة فضلا عن أن التقديرات العالمية حول الإصابات في جنوب شرق آسيا تبدو منخفضة بشكل مدهش ، ونصحت الدراسة بضرورة معرفة الأعداد الحقيقية للمصابين بالملاريا، قبل الشروع في أي تدابير عالمية للقضاء على المرض بشكل جاد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.